كانت وبعد أن استلمت شهادة «سادسة ابتدائي» بصفتها الأولى في المدرسة قد أكملت عامها 12، وكانت معلماتها يتنبأن لها بمستقبل عظيم، فهي سريعة الاستيعاب، وتحمل جرثوم الأسئلة العميقة والكبيرة، كسؤال: كيف يمكن لنا أن نجعل العالم أفضل قبل رحيلنا؟
كانت تحاول أن تستوعب فكرة انتقالها من الطفولة للمراهقة وحيدة؛ لأن والدتها امرأة تعتقد أن مهمتها أن تلبي طلبات زوجها، الذي كان ولأسباب لا أحد يعرفها يعتقد أنه يحمل دما مختلفا عن باقي البشر، لهذا لا يمكن لأحد أن يناسبه ما لم يكن حاملا لنفس الدم المقدس.
كان ابن عمها الفاشل بسبب اعتقاده بأن وراثة الدم كافية ليصبح «شريفا»، قد أدمن المخدرات، ومع هذا قبل به والدها وورثها له حتى لا يختلط دمهم المقدس فيفسد.
كانت طفلة تحلم بالعالم الجديد «المتوسطة»، وتسأل نفسها: هل سأترك أثرا جديدا في صدور معلماتي، وهل سيخبرن أمي أنني فتاة عبقرية يجب مراعاتها؛ لأنها ستغير العالم بعبقريتها؟
ذات صباح استيقظت على يد أمها الحانية لتخبرها: «اليوم زواجك يا بنتي من ولد عمك»، بدا لها أن ما حدث كابوس، لكن المساء وهي تزف لابن عمها، كشف لها أن كابوسها واقعها.
كانت خائفة، وكان مدمنا؛ لهذا لم يكترث لخوفها واغتصب طفولتها كل يوم، حين اقتربت من بوابة العام الـ 17، قبض على زوجها مغتصبها المدمن الذي ترك لها رضيعا وشرخا كبير بالروح، فعادت لبيت والدها الذي ورغم التجربة الفاشلة ما زال يؤمن بدمه المقدس الذي لا يمكن لأحد أن يختلط به ما لم يكن من نفس الدم القديم والمقدس.
ولأن ابن عمها لن يخرج من سجنه إلا بعد 20 عاما، ورثها والدها لابن عمه العجوز لاعتقاده أن المرأة المطلقة لا يمكن لشاب أن يتقدم لها وإن كان عمرها 17 عاما.
ذاك الشيخ غير الحكيم لأنه أعتقد أيضا أن وراثة الدم كافية لأن يكون سيدا وحكيما، فعل ما فعله المدمن واغتصب مراهقتها كلما سنحت له الفرصة.
بعد عشرة أعوام عجاف، مات الشيخ وترك لها طفلا جديدا، ترك أيضا زواجاته الأربع من أصول أربع، لأن الرجل يمكن له أن يتزوج من يريد ولن يفسد دمه المقدس، بيد أن المرأة التي تحمل نفس الدم، لا تستطيع الحفاظ على نقائه لهذا لا يمكن لها أن ترتبط برجل لا يحمل نفس الدم.
عادت من جديد لبيت والدها ومستعبدها، لتربي طفليها، عادت دون أحلام ولا أمل، ولم تعد تتذكر ما قيل عنها حين كانت في المدرسة.
ذات صباح ولأنها لم تستيقظ كعادتها لتعد الأفطار، قرعت أمها الباب عليها، حين لم تسمع إلا أنين امرأة ماتت كل أحلامها دفعت الباب ودخلت، كانت ابنتها تقطر عرقا، بدا لأمها أن ابنتها محمومة.
قالت لها: «بسم الله عليك يا بنتي وش فيكي».
قالت ابنتها التي اقتربت من الأربعين : «أنا جائعة للحب» .. وماتت.